أحبتي في الله
(1) الجنة والنار :
اعلم رحمك الله .. إننا نعمل في هذه الدنيا لكي نَدْخُل الجنة ونفر من النار ، وكل عمل يُغضب
الله يُدخل النار , وكل عمل يُرضيه يُدخل الجنة ، فإن الشيطان يزين لك العمل السيء والقبيح
بالعمل الحسن الجميل ، فتغتر بعملك ظاناً به النجاة وعليه تهلك وترمى في النار ، قال تعالى :
{ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءَ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ
يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ
عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ **.
فلا تركض وراء الشيطان ، ولا يغرنَّك الحياة الدنيا وزينتها وبهجتها ، فكثيرون تعلقوا بها وبنوا
عليها آمالاً وأماني ، وفجأة انقطعت حبالها إلا وهم بأحضان جهنم والعياذ بالله .
قال تعالى : { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ
يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً** .
وقَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: «حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشهوَاتِ» .
(2) عمل الخير وعمل الشر :
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ
عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ. مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ. وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ
عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ. مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» (رواه مسلم)
إن أي عمل يعمله الإنسان سواء كان هذا العمل خيراً أو شراً ، فإذا عمله واستعمله غيره ، فإنه
يجري إلى يوم القيامة , سواء كان العمل في حياته أو بعد موته فإذا كان خيراً فيؤجر عليه , وإذا كان شراً فيأثم .
أعني أن أي أغنية تقدمها للجمهور أو أي عمل تلفزيوني سيئ ، سواء كان فيلماً أو مسلسلاً هابطاً
أو خليعاً أو يؤدي إلى الفحشاء والمنكر والرذيلة وسوء الخلق ، فإن وزره ووزر من يراه يكون
في ميزان سيئاتك أنت , فما بالك بالآلاف بل الملايين الذين يجلسون أمام شاشات التلفاز
ويشاهدون عرضك ويستمعون إلى أغنيتك أو برنامجك الهابط وخاصة إذا كان هذا البرنامج يؤدي
إلى السفور والفجور , قال تعالى : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ **
وتأتي يوم القيامة وتفاجئ بأنك تحمل أوزار أمماً من الناس كنت أنت سبباً في إغوائهم وضلالهم
وضياعهم وبُعدهم عن الصلاة والطاعات وعن الدين , بسبب كلمة قد تكلمت بها ، أو أغنية قد
غنيتها وفتنوا بها ، واتبعوا من بعدها الشهوات والمغريات , وشغلتهم الدنيا وعليها سوف تندم أشد الندم .
قال الله تعالى : {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُواْ الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً**
والغي : (وادٍ في جهنم بعيد القعر) وقيل : (واد في جهنم من قيح ودم) .
(3) الذريِّة :
يقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم : « كلُّكم راعٍ، وَكلكم مَسؤولٌ عن رَعيَّتِهِ: الإِمامُ راعٍ
وَمَسؤولٌ عن رَعيَّتهِ، والرَّجُلُ راعٍ في أهلهِ وَهوَ مَسؤولٌ عن
رعيَّتهِ، وَالمرأَةُ راعيةٌ في بيتِ زَوجِها وَمَسؤولةٌ عن رَعيَّتِها »
أي أن الأب راعٍ في أسرته ومسؤول عن أهل بيته من زوجة وأولاد , وأنه محاسب على
تربيتهم وتنشئتهم ، ولا بد أن ينشئهم تنشئة إسلامية , لأنهم أمانة في عنقه أودعها الله عنده ، وسوف يُسأل عنهم أحفظ أم ضيع ؟
ويا ويل من ضيع أمانته أو خانها بالإهمال والتقصير . يأتي يوم القيامة وقد ضيّع أمانته . وماذا فاعل أنت آنذاك إذا ضيّعت أمانتك ؟
وماذا تقول لربك ؟ ستقول له : أنك قد حضنت الدنيا ، وجريت وراء الملذات والشهوات ،
وانغمست فيها ، و نسيت أن لك أولاداً هم أمانة عندك ، وعندما أهملتهم وتخليت عنهم ضاعوا في هذه الدنيا , بدون صلاة ولا صيام .
بل إن بعض الآباء ترك بناته يختلطن بالصحبة الفاسدة مع شباب وبنات ضالين ,
لا يبالون بحرام , تراهم يقضون جل أوقاتهم في الأندية وتارة بالسينمات
وترى بعضهم يدخن أو يتسكع في الأماكن العامة أو في التجمعات أو من سوق إلى
سوق , ضارباً الدين عرض الحائط ، لا
يبالي بشيء ، ونسي قول النبي صلى الله عليه وسلم :« إِذَا لَـمْ تَسْتَـحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» (رواه البخاري )
وهل تعتقد أن الذي تعب في دنياه وربى أولاده وأنشأهم تنشئة إسلامية ووجههم أحسن توجيه ,
مثل الذي ضيَّع أولاده وجعلهم يتسكعون في الشوارع ، ويقلدون أولاد الغرب في الملبس والمأكل والمشرب وفي جميع التصرفات ؟
كلا والله .
قال تعالى : « هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ » حذاري أخي المسلم 0000 أهلك أهلك 0 (4)
(4) الجمال :
أختاه : هل تصدقين بأن جمالكِ هذا الذي تغترين به , ربما يذهب بعد أسبوع من الآن ، أو بعد يوم أو بعد ساعات ؟ كيف ذلك ؟ سأقول لكِ :
هل أنتِ تملكين حبوب أو موانع ضد الموت ؟ هل استأذنتِ ربكِ أن لا يأتيكِ ملك الموت ويؤخر
في موتكِ ؟ هل عندكِ صك ضمان يمنع عنكِ الحوادث والأمراض والمصائب وغيرها ؟ كلا 0 هل تأمنين مكر الله ؟
كلا ... { فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ **.
ماذا لو جاءكِ ملك الموت بعد ساعات . بل بعد لحظات . بل بعد دقائق . أو بعد قليل ,
أو بعد انتهائكِ من القراءة ، أو أثناء قراءتك للرسالة , وأنتِ لم تتوبي إلى الله ؟
ماذا لو جاءكِ وأنتِ بحضرة رجال أجانب لا يحلُّون لكِ وأنتِ بكامل زينتكِ ووجهكِ بارز لهم
ملطخة بالألوان بالحمرة والخضرة ؟ أتحبين أن تقبض روحكِ على هذا الحال ؟
وماذا ينفعك جمالكِ حينئذٍ ؟ لاشيء . كل هذا سيذهب مجرد أن تموتي وتدفنين , ووجهك هذا سيأكله الدود بعد ثلاثة أيام من دفنك .
أرأيتِ كيف لا ينفع الغرور بهذا الجمال ؟ وأنه لا يدوم شيء في هذه الدنيا إلا وجهه سبحانه وتعالى .
5) أمنيـــة :
هل تعلمون ما أمنية أصحاب القبور ؟ وما مطلبهم ؟
منهم من يطلب حسنة ومنهم الحسنتين ومنهم ثلاثة وغيرهم أكثر . والأمنية
العودة إلى الدنيا ، لا لأجل العيش أو التمتع فيها ، وإنما لكسب مزيداً من
الحسنات والأجور ، وذلك للفكاك والتخلص من العذاب الذي يلاقونه في قبورهم
غُدُوّاً وعشياً .
أيها الإنسان .. هل تدري أن أهل القبور يحسدونك على ما أنت فيه .. نعم والله ..
أتدري لماذا ؟
لأنك ما زلت حيا وتعيش على وجه الأرض ، ليس هذا فقط وإنما بإمكانك كسب
الكثير من الحسنات بل الملايين في دقائق قليلة ، والذي هم بحاجة إليها
الآن .
أنت أيها الإنسان في نعمة كبيرة تُحسد عليها ، لا يعرفها إلا الذي يفقدها .
أخي الغالي ...أختي الغالية .. بادرو بكسب الكثير من الحسنات ، وذلك
بقراءة القرآن والأذكار ، والإكثار من النوافل (الصلاة والصيام) ، وغيرها
من العبادات ، وليكن لك رصيد في قبرك وآخرتك
.. وذلك قبل أن ..... !!
6) همسة في الأذن :
أخي ... أختي
إذا أردت الهداية عليك أولاً بالصلاة وخاصة صلاة الفجر والتدبر فيها ومن ثم الإكثار من الدعاء
بقلب خالص وخاصة في السجود , لأن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ,
وعليك بالصوم , وأكثر من صيام النوافل , ولا تنسى قراءة القرآن يومياً لما
له من الأثر العظيم على النفس , وأترك الصحبة الفاسدة , وألن قلبك للفقراء
والمساكين وأعطف عليهم , وعليك بالصدقة ، فإنها تطفئ غضب الرب .
وأخيراً ... عندما تنام سلِّم أمرك لله , وحاول أن لا تحمل على أحد أي غل,
وأهجر البغضاء والشحناء واجعل قلبك خالياً من شوائب الشرك , ونم وأنت تائب
إلى الله , حتى إذا لقيته في ليلتك تلقاه وهو راضٍ عنك ...
{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ
فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ**.
أدعو من الله أن يهدينا إلى الصراط المستقيم ، وأن
يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا , وأن يثبتنا على ديننا إلى أن نلقاه ,
ونسأله التوبة وحسن الخاتمة
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة ، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك،
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا
اجتنابه
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين